الأفئدة الخاوية
على ظهر بغل أبصرت بغلا , وكلا من البغلين على أذنيه نعلان
يستنشق بهما فحيح صقر وحمم بركان.
وطل كبير المنجمين وعلى كتفيه إشارتان
إحداهما لحنجرة ذهبية والأخرى لساق فضية
وكلتا الإشارتان من خالص الذهب تلمعان
فخر من كانوا في الحلبة, ومن حولها بكاء ومكاء, رهبة ورغبة يهذيان
رحمك الله يا عمر بن الخطاب وأنت القائل :
[ لا يجاورني رجل ساكن في المدينة تهتف به العواتق في الخدور]
هل لك من إطلالة يا فاروق ؟ لترى بأم عينيك هذا المروق
وإذا رأيت ثم رأيت لشحذت الفيصل وأبرمت الدرة وعلى الرقاب هويت
نسينا عمدا وقصدا إرث محمد صلى الله عليه وسلم, وصحبه بعده , ورحنا نغوص في أمعاء التماسيح تيها وخذلانا , وشربنا في قلوبنا العجل , واقتفينا دبيب النمل على الصخور الملساء ونهيق سيخ .
أنزلنا الراكب السيد وسودنا محياه , ورفعنا فوق الأعناق تيسا أسودا وبيضناه
وتسربلنا باسم التمدن والتقدم حتى بانت سوءاتنا , وكشفت عوراتنا , فسخر منا
الكبير والصغير وحل الوهن بنا فأهنا.
وفي كل ساعة زمن من عمر الفانية يقبر من كان في الدين منافحا , ومن أجل الكرامة مكافحا , وللعفة والشرف صنديدا صادحا , ولا أحد نطق ببنت الشفتين ولا الفكين
مات فلان.... قبر فلان.... في هذا اللحد فلان... وفي ذاك الرمس رميم عظام فلان
فلان...فلان... فلان...وكأن فلانا .. وفلانا ... وفلانا عاشوا بدون أسماء وسير.
حقا إنهم في عالم النسيان, وليس لهم مقام بين عباد الأوثان, اليوم هاهنا في هذا الزمان.
فوا أسفاه على هذا العمر الناكر الجاحد , المستبد الشارد , لم يئن منه يوم لرحيل هؤلاء الفرسان.
وترى كل أيامه الثلاث مئة والخمس والستين أو يزيد في حساب السنة والأعوام وبطول بياض نهارها وقصر سواد ليلها , وبقصر ضيائها وامتداد ظلامها , ترى
بأذنيك وتسمع بعينيك وتشم برجليك وتهفو بذراعيك .. نواحا وصراخا من إناث وذكور الغربان, حسرة في الأفئدة الخاوية على ما حل بكبير المنجمين من هول الفاجعة فهذا أمر جلل وعظيم فقدان
الله الله كيف يستقيم الظل والعود أعوج ؟
الله الله ذبح الديك والجاني هذا الأعرج.
حسبنا الله ونعم الوكيل
ابراهيم تايحي