تأملات دامعة
عندما يصبح الصفر رقما ذي أهمية تزداد تدفقا وبقوة ضخات شرايين قلبي
وقتها أشعر أنني ملك بدون عرش, وسجين ينعم بحرية مطلقة , وحبيس في
بطن تمساح يشرب حليبا قاتم السواد, ممزوجا بسكر أمر من العلقم ...
يرى ويبصر بأذنيه , ويكلم الأصم بعين الضرير , فيداه المقيدتان بخيوط
أنعم من الحرير تصفد معصميه وتنهاه عن البطش وتمنعه من لمس حبات الزيتون
لأن ذلك يؤذي مظهرها وباطنها, ولم يتوقف الأمر عند هذا بل تجاوزه ليمسي هذا
الملك دمية في أيدي نساء الحي يتفنن في تجهيزه وتزيينه ليعجب القردة من ابناء
هذا الحي , .........
وتنقشع السحب الداكنة مخلفة وراءها هيكلا لا يصلح الا للعرض ليجلب الكثير من السواح ذوي الأصول الخنزيرية , فيتسابق أعرجهم سراعا لخلع الضلع الأيسر من
هذا الملك الدمية , وهل بعد الخلع من حياة؟ الا من حياة تشدها أنياب مصاصي الدماء , ممن يقتاتون على مذبح الكرامة والعفة والشرف , ويبيتون سمرا على
استثمار بنات أفكارهم الشيطانية للإيقاع بالآمنين والمحصنات , فإذا ما أنسلخ
ليلهم تراهم كالخفافيش المخنثة في شقوق الجدران والمباني المهجورة ...
هؤلاء وهؤلاء هم شريحة من سواد مجتمع المعمورة إنهم فئة ضالة مضللة
وهم أرباب الفسق والفجور , بيدهم الحل والربط كما يعتقدون , ضاربين بالشريعة
والعرف والقانون عرض الحائط , يحدوهم في ذلك ما خلفه الشقاق والنفاق وسوء
الأخلاق بعد الرحيل
فهم الورثة الشرعيون والحماة لمواطن ما يدعى في عرفهم حضارة, وفضيلة
وتنصب المشنقة في ساحة اللهو والبذخ وهم حولها متحلقون والخيلاء آخذة منهم كل الألباب المصطنعة , وفوق رأس كل واحد منهم غراب كسي بريش حمامة
نعتا لعلو الهمة المستعارة .. وهم على هذا الحال يعلمون يقينا أنهم أرذل أراذل ألأمة
ولكن ما العمل ؟ وقد حل وهل زمن الرداءة وللرداءة أذنابها , فحق لك أيتها الفضيلة..أيها الكرم... أيها الصدق.. أيها العدل ..أيتها النخوة ..أيها الشرف ..
أيتها العفة .. أيها الإيثار ...أيتها العزة .....
حق لكم جميعا أن ترحلوا بلا عودة , وفتشوا عن أرض وأناس يتقبلونكم
ويذوبون في شهدكم إن وجدوا..؟ وما أظنهم بموجودين ؟ وإني لمعتقد أن موعد زوال هذا العبث وهذا التفث أوشك أن يتولى وتطمس معالمه .
فصبرا صبرا ..فلا بد لليلي أن ينجلي وبرحيله تطفو فوق الأوحال جثث هؤلاء
ليكونوا عبرة لمن انقاد أو حتى فكر ....
ويعم النور والسلام وينتشر الحب والوئام فوق أرض طالما دنستها حوافر الخفافيش . عندها ينزل من السماء من كلم الناس وهو في المهد صبيا
ابراهيم تايحي