تفشي ظاهرة الكذب
تعريفه:الكذب هو نقيض الصدق.
قال الحق سبحانه وتعالى( .... والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين) النور/7
وقوله عزوجل ( ... وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين) يوسف /27
وقال عليه الصلاة والسلام( إن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقا , وإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار
وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا).
الكذب والصدق أمران مكتسبان لا مورثان , شأنهما في ذلك شأن الأمانة , وقد صغت هنا آيتين من كلام الله العزيز لأثبت أن الكذب – إلى جانب كونه رذيلة- ليس ملتصقا بالذكور دون الإناث أو العكس , إلى أن الكفة تميل أكثر للذكور منهم إلى الإناث , وهذا لعدة أسباب
فمثلا : 1- حب التسلط والامتلاك -2- معاشرة ذوي الأخلاق السيئة -3 كثرة التنقل
4- عدم المراقبة والتوعية- 5- التمرد على القيم الاجتماعية الفاضلة- 6- حب إظهار الشخصية القيادية – 7- إدعاء المعرفة والكمال...
كما لا يفوتني أن أذكر أن مصدر كل هذا هو اللسان , تلك الجارحة الكلامية التي وهبنا الله إياها لترجمة عما يختلج في الفؤاد وما كان سرا يصبح جهرا , ولكن أي جهر ؟
أجهر بالطاعات أم جهر بالمعاصي؟
قال رب العالمين( ... واجعل لي لسان صدق في الآخرين) الشعراء 84 .
وقوله أيضــــا ( ... فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد) الأحزاب 19
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ما كان الفحش في شيئ الا شانه , وما كان الحياء في شيئ الا زانه). وقوله أيضا- صلاة ربي وسلامه عليه – ( ليس المؤمن بالطعان واللعان
ولا الفاحش ولا البذئ).
هذا هو اللسان الذي نعبر به ونترجم به , وبه أيضا نسموا أو نهبط , به نسعد في الدارين أو نشقى في الدنيا والآخرة .
أنـــواع الكــــذب:أصلا أن الكذب محرم شرعا , الا أن الإسلام قد بين لنا من خلال بعض الأحاديث جواز الكذب في بعض الأحوال بشروط , مختصرها : أن بلوغ المقاصد إن استحال تحصيله جاز الكذب فيه كالخوف من ظالم يريد القتل أو أخذ المال أو وديعة . في هذه الحالات يجب الكذب لإخفائها , شريطة أن يقصد بعبارته مقصودا صحيحا , ليس كاذبا بالنسبة
إليه , وإن كان كاذبا في ظاهرة اللفظ.
وقد استدل العلماء لجواز الكذب في هذا الحال بحديث أم كلثوم – رضي الله عنها- أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول( ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيرا أو يقول خيرا).
وزاد مسلم في رواية أم كلثوم ( ولم أسمعه يرخص في شيئ مما يقول الناس الا في ثلاث)
الحرب- الإصلاح بين الناس – حديث الرجل امرأته وحديث المرأة زوجها.
علينا أن نتقيد نحن معشر المسلمين , ولا نترك مجالا لألسنتنا أن تلوك , ولأفكارنا أن تسبح
مثل ما هو مألوف عند الغرب [ كذبة بيضاء—سمكة أفريل.....]
أسباب دواعي الكذب:في حقيقة الأمر لا يستطيع أحد أن يجزم بتحديد دائرة الكذب – كما أرى-
نظرا لتشبعها وتجذرها منذ القدم و هذا ما أشارت إليه العشرات من سور القرآن الكريم
[ الزمر – النجم – يوسف – الأنعام – التوبة- النور......]
الا أنه يمكن أن نقيم بعض الأسباب والتي أراها قد ساهمت أو تساهم في نمو وانتشار[ شجرة الزقوم] وأعني بها الكذب وعلى وجه أخص في زمننا هذا.
1- الأسرة: قال عالم النفس الأمريكي / بريان تريسي [:إن أهم سبب للشعور بتحقيق الذات هو الجو العائلي الدافئ العطوف , والسبب الثاني أن يكون الوالدان واثقين بأولادهما يتوقعان منهم الشيئ الممتاز.]
2- العقاب القاسي والمتكرر : كأن يقوم أحد الوالدين أو كلاهما بتسليط العقوبة على أحد الأبناء باستمرار.
3- المواجهة لتبرير موقف معين أو حادثة معينة -4- الاحتقار والإذلال والتوبيخ.
5- التفرقة فيما بين الإخوة كتفضيل الذكور عن الإناث أو العكس.
6- دفع الأولاد إلى الكذب أو شهادة الزور -7- حرية التعبير والاختيار , وذلك بترك وعدم مراقبة وتصحيح ما يتلفظون به -8- الصواب والخطأ [ عدم التوجيه والإرشاد]
9- عدم زرع روح المودة والصدق داخل البيت وخارجه نتيجة عدم وعي الوالدين.
10- عدم اتزان وسلامة العلاقات بين أفراد الأسرة كالشجار والتملق والرياء والنفاق ...
11- عدم إدراك الوالدين لحاجات الطفل السيكولوجية والعاطفية المرتبطة بنموه نتيجة أمية الوالدين.
12- انعدام الثقة بالنفس بالآخرين , ويتم ذلك بعدم زرع الخصال الحميدة .
13- الخوف والطمع نتيجة المعاملة السيئة .
الــــمؤثرات الخارجــــــــية [ المحيط الخارجي]:
ونعني به شريحة كبيرة من المارة والمتسكعين , وجلساء المقاهي والأرصفة والحدائق العمومية , هذه المخلوقات التي لا يطيب لها الحديث ولا يحلو الا باختلاق النكت , ونهش الأعراض , وتتبع عورات الآمنين والآمنات , والنطيحة والمتردية وما همل ..., والتفنن في إطلاق زمام اللسان البذئ , دون مراعاة لمشاعر الآخرين من المارة .
يجري ويحدث هذا أمام الملأ, ولا من أحد ينهي عن منكر يأمر بمعروف, وإن فعل ربما سيسدد حساب –الفاتورة وحده- قلت يجري كل هذا ويحدث تحت مظلة وشعار
أنا حر ..؟
ليت شعري هم لمعنى هذه الكلمة مدركون؟ والعجيب في الأمر أن من بين السواد الأعظم
من هؤلاء متزعمي الحرية ينتمون للطبقة المثقفة وعلى مختلف الأعمار .
ألسنا حقيقة نعيش في مملكة الفقر الثقافي؟
عــواقب الكــــذب:بإيجاز / تفكيك أواصر الرحمة والإحسان بين الأخوة
-/ اهتزاز في شخصية الطفل وعدم الثقة بالنفس - / تنشئة الأطفال على رذيلة هم أبرياء منها
-/ تعكير الجو الأسري وتفكيك وحدته -/ نشر روح التفرقة بين أفراد الأسرة والمجتمع
-/ عدم الاهتمام لقول أو فعل لأي كان -/ النصب والاحتيال-/ قلب الحقائق -/ الإدعاء وحب السيطرة-/ تفضيل الكذب وشهادة الزور -/ حب التملك والقيادة ............
ابراهيم تايحي
تذكير : في الموضوع التالي: نقدم كيفية معالجته والتخلص منه إن شاء الله